ملف المواليد- فرص ضائعة وحلول اقتصادية للمستقبل
المؤلف: عبده خال08.11.2025

أي موضوع أو مقال أو دراسة استقصائية تتناول قضايا التجنيس أو ظروف المواليد تحظى بأكبر قدر من التفاعل والتعقيب مقارنة بغيرها في الصحيفة الواحدة.
منذ بضعة أيام، كتبت مقالًا حول ضرورة تصحيح أوضاع المواليد، اقتداءً بالنهج الذي تم اتخاذه مع الجالية البرماوية. وبنهاية ذلك اليوم، امتلأ بريدي الإلكتروني بالرسائل التي تؤكد أهمية إيجاد حل جذري لهذه القضية من خلال صياغة أنظمة وقوانين جديدة تتماشى مع متطلبات العصر الحديث، بدلًا من الاعتماد على أنظمة قديمة عجزت عن تخفيف وطأة المعاناة التي يواجهها المواليد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدولة نفسها ستتضرر إذا استمرت أعداد المواليد في الازدياد دون الاستفادة من استثمار هذه الطاقات البشرية الهائلة التي استثمرت فيها الدولة مليارات الريالات عبر التعليم والصحة والأمن.
اتفق أغلب المشاركين في الرسائل على ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لهذا الملف، وتقديمه على سائر الملفات الأخرى، نظرًا لارتباطه الوثيق بمستقبل ملايين الأنفس، وكذلك بمستقبل الدولة التي ستجد نفسها في مواجهة ضغوط متزايدة لتوفير جميع الخدمات الأساسية بما يتناسب مع التعداد السكاني المتزايد أو يفوقه.
وفي سياق التعليقات الهامة على مقال "تصحيح أوضاع المواليد"، اقترح أحد القراء فكرة استحداث وتوسيع نطاق الجامعات السعودية الخاصة برسوم دراسية معقولة، على غرار ما هو معمول به في ماليزيا وغيرها من الدول التي استثمرت بكثافة في التعليم العالي، وأصبحت وجهة مفضلة لأولياء أمور المواليد المقيمين في المملكة العربية السعودية الذين يتطلعون إلى إكمال أبنائهم تعليمهم العالي. تقوم هذه الفكرة على إنشاء المزيد من الجامعات السعودية الخاصة التي تعنى بتدريس الخريجين من المواليد وغيرهم ممن يجدون صعوبة في الالتحاق بالجامعات الحكومية. هذا التوسع سيخفف من الأعباء المالية والنفسية التي يتحملها أولياء أمور المواليد نتيجة لسفر أبنائهم إلى الخارج، والذي يتطلب تكاليف باهظة (غربة، مصروفات معيشة، رسوم دراسية، سكن، تذاكر سفر ذهابًا وإيابًا).
إن افتتاح جامعات جديدة والاستثمار في قطاع التعليم الخاص من شأنه أن يحقق عوائد مادية مجزية للكثير من المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين، وفي الوقت نفسه، سيساهم إنشاء هذه الجامعات الخاصة في تعزيز الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 الطموحة. خاصة وأن الدولة تنفق بسخاء على تعليم المواليد لمدة اثني عشر عامًا، ثم تكون ثمار هذا الاستثمار من نصيب دول أخرى في الخارج. هذا يمثل هدرًا واستنزافًا اقتصاديًا كبيرًا لموارد البلاد، ويعد ملف تجنيس المواليد هو العامل الأكبر وراء هذا الهدر.
إذًا، كيف يمكننا تسريع وتيرة البت في ملف المواليد مع تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الطاقات البشرية والمادية الهائلة، دون التفريط فيها، علمًا بأن الدولة قد استثمرت فيها مليارات الريالات دون أن تجني العوائد المرجوة من استثمار هذه القوى العاملة؟
لن تتحقق أي فائدة طالما استمررنا في تجاهل هذه المشكلة المتفاقمة التي تتضاعف يومًا بعد يوم، وتنتج عنها المزيد من المشكلات، وتفوت علينا الفرصة للاستفادة من هذه الثروة البشرية القيمة.